خبير في العلاقات الدولية لكشـ24: الموقف الصيني من الصحراء اليوم سيكون حاسما في مستقبل الشراكة الاستراتيجية مع المغرب


حرر بتاريخ | 12/16/2025 | من طرف زكرياء البشيكري

أكد أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية وشؤون الصحراء، أن المرحلة الراهنة من نزاع الصحراء تفرض على الصين اتخاذ موقف واضح وصريح من الوحدة الترابية للمملكة، مشددا على أن أي تأخر في هذا الموقف سيُفقده الكثير من قيمته السياسية والاستراتيجية بالنسبة للمغرب.

وأوضح نور الدين، في تصريحه لموقع كشـ24، أن الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء من طرف دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب ما وصفه بـ“الصبر الاستراتيجي” الذي انتهجه المغرب طيلة ما يقارب خمسة عقود، جعلا من الظرف الحالي لحظة مفصلية لا تحتمل التأجيل، مضيفا أن أي موقف صيني لا يأتي في هذه المرحلة سيكون متأخرا، ودون قيمة تذكر .

واعتبر ذات المتحدث أن صدور موقف صيني واضح وداعم للسيادة المغربية على الصحراء، وتحديدا على منطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب، سيكون له وزن كبير لدى صانع القرار المغربي والدولة المغربية، كما ستكون له انعكاسات مباشرة على مستوى الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبكين، مبرزا أن هذه الشراكة وُقعت رسميا سنة 2016 بالصين، بحضور جلالة الملك محمد السادس والرئيس الصيني شي جين بينغ.

وشدد نور الدين على أنه لا معنى لشراكة استراتيجية حقيقية مع دولة لا تعترف بالوحدة الترابية للمغرب، معتبرا أن الدعم الصيني، إن جاء صريحا وغير ملتبس، سيكون ترجمة فعلية لهذه الشراكة. كما أنه سيكون امتدادا منطقيا مع الموقف التاريخي للصين الشعبية سنة 1963، حين عبر رئيس الوزراء الصيني آنذاك شو إن لاي عن دعم بلاده الصريح لمطالب المغرب باسترجاع أقاليمه الجنوبية وسيدي إفني من الاحتلال الإسباني، داخل الأمم المتحدة وفي إطار اللجنة الرابعة.

وأضاف نور الدين أن تأخر الصين في إعلان موقفها إلى ما بعد حسم الملف داخل أروقة الأمم المتحدة، أو بعد صدور قرارات أممية نهائية، سيجعل من صوتها مجرد صوت من بين 194 دولة، دون أي تأثير استراتيجي يُذكر بالنسبة للمغرب.

وفي محور ثان من تصريحه، أبرز نور الدين أن الصين نفسها عانت تاريخيا من التقسيم الاستعماري لأراضيها، مستحضرا استمرار احتلال هونغ كونغ إلى غاية أواخر تسعينيات القرن الماضي، وماكاو لما يقارب خمسة قرون تحت الاستعمار البرتغالي، إضافة إلى مناطق نفوذ أوروبية ويابانية عرفتها الصين خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وإبان ما يعرف بحرب الأفيون.

واعتبر مصرحنا أن هذا التاريخ يجعل من المفترض أن تتفهم الصين الموقف المغربي، الذي هو بدوره نتاج لتقسيم استعماري عرفته أراضي المملكة بين النفوذين الفرنسي والإسباني، إلى جانب المنطقة الدولية بطنجة، مؤكدا أن نزاع الصحراء هو في جوهره أحد إفرازات هذا التقسيم الاستعماري.

وفي السياق نفسه، أشار نور الدين إلى أن بكين لا تزال تطالب باسترجاع تايوان، رغم كونها كيانا قائما بذاته منذ سنة 1949، وسبق له أن شغل مقعد الصين في الأمم المتحدة إلى غاية سنة 1972، فضلا عن كونه من بين الاقتصادات العالمية الكبرى، لذلك ستكون في تناقض مع نفسها اذا لم تدعم المغرب في نزاع الصحراء.

وتساءل الخبير ذاته عن الكيفية التي يمكن للصين أن تطالب فيها باسترجاع تايوان استنادا إلى التاريخ ووحدة الأراضي، في الوقت الذي تُنكر فيه على المغرب حقه في استرجاع أقاليمه الجنوبية التي ظلت، مغربية عبر التاريخ قبل الاحتلال الأوروبي.

وختم نور الدين تصريحه بالتأكيد على أن اللحظة الحالية تمثل اختبارا حقيقيا لعمق الشراكة المغربية-الصينية، وأن الموقف الصيني من قضية الصحراء سيحدد بشكل كبير طبيعة هذه العلاقة في المستقبل.