الأوضاع في الزاوية البودشيشية ليست على ما يرام بسبب صراع صامت حول المشيخة، تؤكد المصادر التي تحدثت لجريدة “كشـ24″، لكنها لم تصل إلى درجة يمكن أن تحدث فيها انفلاتات، كما ذهبت إلى ذلك تقارير صحفية تحدثت عن استنفار مفترض للقوات العمومية.
وفي المقر الرئيسي للزاوية بمنطقة مداغ بنواحي بركان، حطم الوافدون على الاعتكاف الرقم القياسي فصل هذه السنة، مع تسجيل الحضور، بين الفينة والأخرى، لمنير القادري بودشيش، فيما تشير المصادر إلى شبه غياب لمعاذ القادري بودشيش عن هذه الأجواء.
وقالت المصادر لـ كشـ24 إن الإقبال الكبير من قبل المريدين على الزاوية فصل هذه السنة ارتبط بوفاة الشيخ جمال الدين القادري بودشيش.
لكن أجواء الاعتكاف يطبعها الكثير من الترقب، وسط الخلاف الذي تم تداوله بقوة بين معاد القادري بودشيش وبين منير القادري بودشيش. من الأحق بتولي المشيخة؟
ومقابل الترقب في المقر الرئيسي للزاوية، فإن شبكات التواصل الاجتماعي تعج بردود فعل غاضبة في أوساط عدد غير قليل من “فقراء” الزاوية، كلما تعلق الأمر بتفاعل مع سيل المقالات والفيديوهات التي تتناول موضوع المشيخة في هذه الزاوية التي تعد من أكبر الزاوية في المغرب، بعد وفاة الشيخ جمال الدين القادري عن سن يناهز 83 سنة.
ولا يتردد عدد من هؤلاء “الفقراء” عن دعمهم الواضح لمنير القادري بودشيش، لتولي المشيخة، تبعا للوصية التي تركها الجد حمزة القادري بودشيش، رغم أن منير القادري بودشيش أصدر “تعليمات” بعدم الخوض في مثل هذه القضايا، وعدم الإدلاء بأي تصريحات حول الموضوع، تؤكد المصادر التي تحدثت للجريدة.
ويتساءل عدد من هؤلاء عن ملابسات تركيز “الحملة” على توجيه الانتقادات لمنير القادري بودشيش، لكن مع تقديم معطيات من شأنها أن تفيد في فهم المشكل الذي قد يهدد بانهيار هذه الزاوية. فالنسبة للمصادر، فإن الأمر يتعلق بـ”وصية” و”إذن” و”سر رباني”، وعدم تنفيذ الوصية التي تنص على أن المشيخة قد آلت إلى منير القادري بودشيش قد يؤدي إلى انهيار الزاوية التي راكمت حضورا وازنا في المغرب وخارجه، ولها عشرات الآلاف من الأتباع في العالم.
وحول عمق الأزمة، فإن المصادر تورد بأنها قد تعود لمحاولة دخول أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية على الخط. ورغم أن الوزير التوفيق لم يسجل له أي تصريح رسمي أو أي مبادرة واضحة وعلنية بهذا الخصوص، فإن المصادر تسجل بأن هذا الأخير يدافع عن مقاربة “الشورى” في تدبير الزاوية، ويرفض “الوصية”.
وتوحي مقاربة “الشورى” على أن الزاوية هي التي يفترض أن تختار من يتولى تدبير شؤونها، في حين أن الوصية لها علاقة بـ”إذن” يتركه الشيخ الراحل للشيخ الجديد. وهذا “الإذن” له علاقة بـ”سر رباني”.
وفي نظر المصادر، فإن خلاف منير القادري بودشيش ليس مع شقيقه معاذ القادري بودشيش، ولكن مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق. وتعتبر المصادر أن هذا الخلاف قديم، في إشارة إلى أن الوزير التوفيق كان بدوره من أعضاء الزاوية.
وتعود المصادر عقودا إلى الوراء لتشير إلى أن الزاوية سبق لها أن عاشت نفس الوضعية، حيث سبق للراحل عبد السلام ياسين، وكان من رموز الزاوية قبل أن يغادر ويؤسس جماعة العدل والإحسان المحظورة، ظل يعتبر نفسه الأحق بالمشيخة بعد وفاة الشيخ الحاج العباس، بينما الوصية تشير إلى أن “الإذن” قد انتقل إلى الشيخ حمزة.
وبالنسبة للمصادر، فإن الطعن في الوصية يعتبر طعنا في شرط من الشروط الصوفية لأن الشيخ هو من يختار من يخلفه. والشيخ وحده من يحدد صاحب الإذن، تبعا لهذا التوجه الذي يدافع عنه أنصار منير القادري بودشيش. المصادر ذاتها تؤكد أنه في حال تولى معاذ القادري بودشيش المشيخة، فإن هذا يعني بأن “سيدي جمال وسيدي حمزة يكذبان على الفقراء، وهذا غير وارد، وقد يؤدي إلى انهيار الزاوية”.
وفي ظل هذه الأزمة، قرر منير القادري بودشيش أن يقترح ما أسمي بـ”الخيار الثالث”. ويقترح هذا الاختيار أن يحتفظ منير القادري بصفة “شيخ التربية”، و”إذا كانت الدولة تريد أن يشارك أحد في التسيير، وتحت إشرافه، فلا مانع”. ويقترح هذا الاختيار أن يتم التنسيق في هذا التوجه مع أبناء الشيخ ومع مجلس الزاوية، وجل هذه الأطراف تؤيد “الوصية”، بينما يسجل غياب الحضور في الميدان لمعاذ القادري بودشيش.
وفي الوقت الذي تعيش فيه الزاوية هذه المرحلة الصعبة في مسارها، فإن المصادر تحذر من توجه جزائري يجري لتوسيع حضور وامتداد طريقة تعرف باسم طريق سيدي محمد الصوفي القادرية البودشيشية الصوفية”، مع ما قد يكون لذلك من انعكاسات سلبية على صورة المغرب وامتداده الروحي، خاصة في القارة الإفريقية.