فوجئت جماهير كرة القدم، مساء أمس الاثنين، بإجراءات تنظيمية وُصفت بالغريبة رافقت أولى مباريات كأس إفريقيا للأمم بمدينة مراكش، وأسهمت بشكل مباشر في إضعاف الإقبال الجماهيري على الملعب الكبير، ليصبح من بين أقل الملاعب استقبالا للجماهير خلال هذه التظاهرة القارية.
وبحسب ما وقفت عليه “كشـ24″، فقد تم منع جميع السيارات المتجهة نحو الملعب الكبير، أو تلك التي تسلك الطريق الوطنية في اتجاه الدار البيضاء، على مستوى قنطرة وادي تانسيفت القديمة والجديدة، على بعد يقارب كيلومترين إلى ثلاثة كيلومترات من الملعب.
وهذا لم يشمل القرار فقط الجماهير المتوجهة إلى المباراة، بل طال أيضا مواطنين كانوا في طريقهم إلى منازلهم بالمناطق المجاورة للملعب، ما تسبب في ارتباك مروري كبير، كما طال القرار ايضا حافلات تابعة للكاف كانت تقل الصحافيين، ومن ضمنهم رجال اعلام من المانيا و مصر و الكوتديفوار و جنوب افريقيا الى جانب صاحفيين معتمدين من المغرب، حيث تم اجبارهم على العودة الى طريق فاس و الولوج الى الملعب عبر طريق بوروس.
وقد أدى تحويل المسارات بشكل مفاجئ إلى اختناق مروري خانق، عرقل حركة السير لساعات، وأثار استياء السائقين ومستعملي الطريق، في غياب حلول بديلة واضحة أو توجيه ميداني كافٍ.
أما على مستوى ولوج الجماهير، فقد أُجبر عدد كبير من المشجعين على العودة وركن سياراتهم بأقرب موقف متاح، والمتمثل في الموقف الخاص بمتحف الماء او محيطه وهي فضاءات غير مهيئة لاستقبال سيارات الجماهير، على بعد يقارب 4كيلومترات من الملعب الكبير، ما يعني قطع مسافة طويلة مشيا على الأقدام قد تصل إلى نصف ساعة ، وهذا الوضع دفع العديد من الجماهير إلى العدول عن حضور المباراة والعودة إلى منازلهم، تفاديا للإرهاق والتأخر.
ويزداد هذا الإجراء غرابة، بالنظر إلى أن الملعب الكبير لمراكش يتوفر على موقف سيارات يُعد الأكبر من نوعه وطنيا، بطاقة استيعابية تصل إلى نحو 5000 سيارة، غير أنه ظل مغلقا في وجه الجماهير دون توضيحات رسمية، في خطوة أثارت أكثر من علامة استفهام.
وفي هذا السياق، يطرح متتبعون تساؤلات مشروعة حول جدوى الملايين التي صُرفت في محيط الملعب، من أجل توسيع الطرق وإنجاز مسارات جديدة، إذا لم يتم استغلال هذه البنية التحتية خلال تظاهرات كبرى من حجم كأس إفريقيا. كما يتساءل الشارع المراكشي عن غياب تصور استباقي يوفر بدائل عملية، من قبيل إحداث مواقف سيارات قريبة من متحف الماء أو بمحاذاة الحاجز الأمني عند مدخل المدينة، لتسهيل تنقل الجماهير سيرا على الأقدام، بدل إجبارها على العودة إلى وسط المدينة.
وبينما كان يُفترض أن يشكل “الكان” فرصة لإبراز جاهزية مراكش التنظيمية وقدرتها على احتضان التظاهرات الكبرى، كشفت هذه الإجراءات عن اختلالات تنظيمية واضحة، ساهمت في إفراغ المدرجات وأساءت لصورة المدينة في أول اختبار قاري لها.
وحسب ردود افعال الجماهير بمراكش فإن ما يحدث بمراكش غريب، والأغرب أن تمر مثل هذه القرارات دون تقييم أو تصحيح، في وقت تُراهن فيه المدينة على إنجاح الرهانات الرياضية الكبرى واستعادة بريقها كعاصمة للسياحة والرياضة.