قدمت الدكتورة أسماء المجاهدي، الأخصائية النفسية، توضيحات موسعة حول الاكتئاب الموسمي أو ما يعرف بـ Dépression saisonnière، معتبرة أنه أحد أنواع الاضطرابات المزاجية المرتبطة بتغيّر الفصول، إذ يظهر غالبا خلال فصلي الخريف والشتاء ويتحسن بشكل طبيعي مع دخول الربيع والصيف.
وأوضحت المتحدثة ضمن تصريحها لموقع كشـ24، أن هذا النوع من الاكتئاب مرتبط بيولوجيا بانخفاض التعرض لأشعة الشمس خلال الشهور الباردة، وهو ما يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية للجسم نتيجة قلة الضوء، مما يربك تنظيم النوم واليقظة ويخلق شعورا بالخمول والحزن، كما أن نقص هرمون السيروتونين المرتبط بتنظيم المزاج يزيد من احتمال ظهور الأعراض، إضافة إلى الارتفاع الطبيعي لهرمون الميلاتونين خلال فترات الظلام الطويلة، وهو ما ينعكس في شكل نعاس مستمر وفقدان للطاقة، مشيرة أيضا إلى أن نقص فيتامين (D)، الذي يعتمد الجسم في إنتاجه على أشعة الشمس، قد يلعب دورا إضافيا في تفاقم الوضع.
وفي الجانب النفسي، تقول الأخصائية إن الاكتئاب الموسمي يعد استجابة مزاجية وسلوكية للتغيرات البيئية، حيث يشعر المصاب بحزن مستمر أو بما يُعرف في التعبير المغربي بـ”الغمة”، إضافة إلى فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية المعتادة، وتراجع القدرة على التركيز، والرغبة في الانعزال والابتعاد عن الآخرين، كما يصاب البعض بنوم مفرط وغير مريح، وبزيادة في الشهية، وببطء في الحركة والتفكير، وهو ما يعرف بالبطء السيكوموتوري، وتضيف أن من العوامل التي قد تزيد من احتمال الإصابة وجود قابلية عامة للاكتئاب، أو حساسية كبيرة للتغيرات الجوية، أو مصادفة فصل البرد لضغوط حياتية، أو قلة النشاط الاجتماعي خلال الشتاء.
وبخصوص التشخيص، تشير الدكتورة المجاهدي إلى أن الأمر يتطلب ظهور الأعراض نفسها في نفس الفترة من كل سنة لمدة لا تقل عن سنتين، مع تحسنها الواضح عند دخول الربيع أو الصيف، إلى جانب تأثيرها السلبي على العمل والدراسة والعلاقات اليومية.
أما فيما يتعلق بالعلاج، فتؤكد الأخصائية أن المغرب بحكم مناخه المشمس يعرف انتشارا ضعيفا جدا لهذا النوع من الاكتئاب مقارنة بدول أوروبية تعاني من فصول طويلة من الظلام، ومع ذلك، يبقى العلاج بالضوء لمدة تتراوح بين 20 و30 دقيقة يوميا من الأساليب الطبية المعتمدة، إلى جانب تناول مكملات فيتامين (D) عند وجود نقص، واستعمال مضادات الاكتئاب في الحالات الشديدة. كما يظل العلاج النفسي فعالا، خصوصا العلاج السلوكي المعرفي، وتنظيم الأنشطة اليومية، وزيادة التعرض للضوء الطبيعي من خلال المشي نهاراً، مع تحسين جودة النوم.