تعيش منطقة المسيرة الثانية بمراكش خلال الأشهر الأخيرة حالة من الاستياء المتواصل في صفوف الساكنة، بسبب استفحال ظاهرة احتلال الملك العمومي بشكل غير مسبوق، خاصة من طرف عدد من أرباب المقاهي الذين باتوا يترامون على الأرصفة بشكل يعيق حركة الراجلين ويشوّه جمالية الحي ويضرب في العمق حق المواطنين في فضاءاتهم المشتركة.
ففي مجموعة من الأزقة والشوارع الرئيسية بالمنطقة، أصبحت الطاولات والكراسي تمتد إلى حدّ يجعل المرور صعباً على المارة، خصوصاً الأشخاص المسنين والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على النزول إلى قارعة الطريق بما يحمله ذلك من أخطار مرورية.
لكن أخطر ما يثير غضب السكان هو تحوّل بعض الحدائق التابعة للملك المشترك لإقامات سكنية إلى فضاء خاص بمقاه، بعدما إقدام اصاحابها على الاستيلاء الكامل على الحديقة المخصصة أصلاً لراحة الساكنة واستعمالهم المشترك.
احدى هذه الحدائق التي كانت تُعتبر فضاءً عاماً للجلوس والتنفس داخل نسيج عمراني يعرف كثافة سكانية مرتفعة في حي المسيرة الثانية، تحوّلت بشكل تدريجي إلى امتداد تجاري للمقهى؛ حيث جرى وضع تجهيزات مختلفة واستغلال المساحة بكاملها لخدمة الزبناء، مقابل حرمان السكان من حقهم الطبيعي في الانتفاع من الملك الجماعي.
ويعبّر عدد من القاطنين عن غضبهم مما وصفوه بـ”التطاول على الملك العام وتحويله إلى مشروع ربحي”، في غياب تدخل حازم من الجهات المسؤولة، رغم تكرار الشكايات والمراسلات. ويؤكد بعضهم أن هذا الوضع “يشجع آخرين على القيام بالأمر نفسه، ما ينبئ بفوضى عمرانية واجتماعية إذا لم يتم تدارك الأمر”.
ويطالب المتضررون بتدخل عاجل من السلطات المحلية والمنتخبة لتحرير الملك العمومي من كل أشكال الاستغلال غير القانوني، وإعادة الحديقة إلى طبيعتها الأصلية كفضاء مشترك مخصص للساكنة والمارة، ووضع حدّ لتوسع المقاهي والعربات التجارية بشكل يضمن التوازن بين النشاط الاقتصادي والحق في الفضاء العام.