تشكل المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب خيارا استراتيجيا بعيد المدى، يهدف إلى تعزيز التعاون مع دول الساحل وإفريقيا الغربية، من خلال فتح آفاق اقتصادية وتنموية جديدة، وفي الوقت ذاته ترسيخ موقع المملكة كفاعل محوري قاريا ودوليا، برؤية شمولية تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية.
وأكد الدكتور رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق التابعة لجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، في تصريحه لموقع كشـ24، أن المبادرة الأطلسية تمثل خيارا استراتيجيا للدولة المغربية، وتجسيدا لالتزام شخصي من طرف جلالة الملك محمد السادس لبناء جسور تعاون متينة مع الدول الإفريقية جنوب الساحل، بما يفتح أمامها أبوابا جديدة للاندماج في التجارة العالمية وتحريك عجلة اقتصاداتها، خصوصا في قطاعات حيوية مثل الصيد البحري والثروات البحرية “الاقتصاد الأزرق”، إلى جانب السياحة وتطوير البنيات التحتية المرتبطة بالمجال التجاري وعلى رأسها مشروع الميناء الأطلسي.
وأضاف لبكر أن هذه المبادرة النوعية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد إلى خلق فرص الشغل، وربط القارة الإفريقية بأوروبا، وتدعيم الشراكات البناءة والتكامل الاقتصادي الإقليمي، كما تسعى إلى أن تكون فضاء لمناقشة القضايا المصيرية التي تواجه دول الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء، وعلى رأسها التغيرات المناخية، الهجرة، السيادة الطاقية، ندرة المياه، الطاقات المتجددة، فضلا عن مواجهة التهديدات الأمنية من إرهاب وأنشطة غير مشروعة كالاتجار في السلاح والمخدرات.
وشدد الأستاذ الجامعي على أن المبادرة الأطلسية تحمل بعدا استراتيجيا أساسيا بالنسبة للمغرب نفسه، إذ تمكنه من ترسيخ ريادته القارية وتعزيز علاقاته مع أوروبا، خاصة عبر مشروع أنبوب الغاز القاري الذي من شأنه أن يلبي احتياجات القارة الأوروبية من الطاقة، ما يعزز موقع المملكة كفاعل محوري على المستويين الإقليمي والدولي.
كما أبرز مصرحنا أن هذه الرؤية الاستباقية سمحت للمغرب بتحقيق مكاسب دبلوماسية واضحة، من بينها تزايد عدد الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء ودعمت مقترح الحكم الذاتي، إلى جانب الثقة التي تحظى بها المشاريع المغربية لدى مؤسسات التمويل الدولية، بالنظر إلى جديتها ومردوديتها.
واعتبر لبكر في ختام تصريحه أن المبادرة الأطلسية ليست مجرد مشروع ظرفي، بل رؤية استراتيجية بعيدة المدى سيكون لها أثر كبير على دعم اقتصادات دول الساحل وإفريقيا الغربية، وفي الوقت نفسه تأكيد المكانة الريادية للمغرب كدولة ناهضة، ذات مصداقية ورؤية واضحة، قادرة على الدفاع عن مصالحها الحيوية وترسيخ حضورها القاري والدولي.