باتت أزمة النقل والتنقل التي تعرفها مدينة مراكش في معظم شوارعها، معضلة يومية تواجه مستعملي الطريق بالمدينة الحمراء، طيلة ساعات النهار وخصوصا خلال أوقات الذروة والفترة المسائية، ولم يعد الأمر مرتبطا فقط بالمناسبات أو العطل؛ فقد تحولت حركة السير بالمدينة إلى عبء متواصل يثقل كاهل المواطنين.
وتتخبط المدينة في سلسلة من الإشكالات المرتبطة بالسير والجولان، في مقدمتها الفوضى التي يعرفها قطاع سيارات الأجرة التي باتت محدودة مقابل النمو الديموغرافي المتواصل، وكذا ضعف البنية التحتية الطرقية وضيق عدد من المحاور الحيوية التي لم تعد قادرة على استيعاب الكثافة المرورية المتزايدة، ما يجعل عددا من “الطاكسيات” ينفرون من هذه المحاور، الشيء الذي يساهم في تفاقم الوضع وتعقيد عملية التنقل.
وتنعكس هذه الإشكالات سلبا على حركة المرور بمختلف الشوارع الرئيسية، التي باتت تعرف يوميا ارتباكا كبيرا يتسبب في اختناقات خانقة تخنق أنفاس السائقين وتحوّل التنقل داخل المدينة إلى معاناة حقيقية.
ورغم المكانة الدولية التي تحظى بها المدينة الحمراء كإحدى أبرز الوجهات السياحية عالميا، إلا أن معضلة التنقل التي فشلت المجالس المتعاقبة في إيجاد حلول جذرية لها، جعلت شوارع مراكش تعيش على وقع فوضى مرورية تتفاقم حدتها كلما حلّت مناسبة أو عطلة.
ويمثل التنقل الطرقي، لا سيما في مدينة بحجم مراكش، أحد أبرز التحديات التي تواجه سلطات المدينة الحمراء، خصوصا خلال الفترة المقبلة، والتي يُرتقب أن تعرف توافدا كبيرا للزوار، بالتزامن مع كأس أمم إفريقيا 2025 التي ستحتضنها المملكة في الفترة الممتدة من 21 ديسمبر الجاري إلى 18 يناير المقبل، ما يجعل مشكل السير مرشحا لمزيد من التعقيد، وينذر بأزمة مضاعفة خلال فعاليات البطولة.
وفي خضم هذه الوضعية، يعلّق المراكشيون آمالا كبيرة على دخول حافلات النقل الحضري والشبه حضري الجديدة إلى الخدمة في أقرب وقت ممكن، بعدما جرى الإعلان عن اقتناء أسطول حديث من الحافلات يضم في مرحلة أولى 207 حافلة دخلت مدينة مراكش على دفعات، ما من شأنه تحسين جودة النقل العمومي وتخفيف حدة الأزمة.
ويرى متتبعون أن تشغيل هذه الحافلات سيشكل خطوة مهمة نحو إعادة تنظيم التنقل داخل المدينة، شريطة مواكبتها بإصلاحات أخرى تشمل تهيئة المحاور الطرقية وتعزيز المراقبة وتنظيم قطاع “الطاكسيات”، مع توزيع الحافلات الجديدة بشكل عقلاني وعادل، وإنشاء خطوط جديدة لفك العزلة على مجموعة من الأحياء بالمدينة الحمراء، بما يضمن استعادة التوازن في منظومة النقل الحضري بمراكش.

