كشفت دراسة حديثة حول “السياسة النقدية وأسعار الأصول العقارية في المغرب”، عن وجود علاقة مرتبطة ولكن محدودة بين توجهات السياسة النقدية وتطور أسعار العقارات السكنية بالمملكة، وذلك استنادا إلى نماذج اقتصادية وإحصائية متقدمة تغطي الفترة الممتدة ما بين 2006 و2024.
وأوضحت الدراسة، التي أعدتها الباحثة حسناء حمو أوعلي ضمن سلسلة وثائق العمل الصادرة عن مديرية الدراسات الاقتصادية في أكتوبر 2025، أن تشديد السياسة النقدية يؤدي إلى تباطؤ في نشاط السوق العقارية وانخفاض طفيف في الأسعار بعد فترة زمنية محددة، مما يعكس تأثير أسعار الفائدة على الطلب السكني والتمويل البنكي.
وبيّنت التقديرات أن ارتفاع سعر سندات الخزينة لأجل سنة واحدة بـ12 نقطة أساس يفضي إلى انخفاض أسعار العقارات بنسبة 0.3% بعد ستة فصول، بينما يؤدي ارتفاع السعر الوسطي بين البنوك بـ10 نقاط أساس إلى تراجع الأسعار بـ0.4% بعد أربعة فصول.
وترى الباحثة أن جمود السوق العقارية المغربية يفسر ضعف استجابة الأسعار لتقلبات الفائدة، على خلاف الاقتصادات المتقدمة. ويعود ذلك إلى عدة عوامل، من بينها هيمنة القروض ذات الفائدة الثابتة، وضعف تنوع منتجات التمويل العقاري، ومحدودية سوق الرهن العقاري، إلى جانب استمرار المعاملات غير الرسمية داخل بعض فئات السوق.
وبحسب بيانات الدراسة، بلغ إجمالي القروض العقارية سنة 2023 حوالي 303 مليارات درهم، أي ما يمثل 28% من إجمالي القروض البنكية، منها 243 مليار درهم مخصصة للسكن و55 مليار درهم للمنعشين العقاريين. كما سجلت التمويلات التشاركية بصيغة المرابحة العقارية نحو 25 مليار درهم خلال 2024، بزيادة تفوق 16% مقارنة بالعام السابق.
وأشارت النتائج إلى أن تشديد السياسة النقدية ينعكس مؤقتًا على الناتج الداخلي الإجمالي والتضخم عبر قناة العقار، غير أن هذا التأثير يظل أقل وضوحا مقارنة بالأسواق المتقدمة.
كما تتأثر دينامية العقار بعوامل أخرى خارج السياسة النقدية، أبرزها تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وبرامج دعم السكن الاجتماعي، والتحضيرات لكأس العالم 2030 التي عززت ثقة المستثمرين في القطاع.
وأكدت الباحثة أن أثر السياسة النقدية على أسعار العقارات في المغرب يبقى موجودا لكنه ضعيف ومؤقت، داعية إلى تطوير قنوات انتقال السياسة النقدية وتعزيز مرونة سوق التمويل العقاري لتمكينها من التكيف بشكل أفضل مع تغيرات أسعار الفائدة.

