وفاة متقاعد من الحوز مقيم بمنطقة باريس يسلط الضوء على ضرورة معالجة الأسباب القانونية لعزلة المتقاعدين المغاربة بفرنسا


حرر بتاريخ | 10/16/2024 | من طرف كريم بوستة

اعلنت جمعية AMEWA (النساء الإفريقيات والمتوسطيات في العمل) بباريس من خلال بيان صحفي لها، عن اسفها لوفاة المهاجر المغربي الذي كان موضوه نداءات سابقة للعثور على اقاربه ضواحي مراكش بعد وفاته في بلاد المهجر.

ونعى البيان ببالغ الحزن وفاة الفقيد مولاي الطاهر، المنحدر من تلات نايعقوب، ضواحي حوز مراكش مشيرة انه متقاعد من أصل مغربي، توفي في فرنسا في ظروف عزلة وفقر شديدين، ولم يرَ بلده الأصلي منذ 15 عامًا، لاسباب شخصية، مضيفة انه ينتمي إلى الجيل الأول من المهاجرين المغاربة في فرنسا. وعمل طوال حياته، مسهمًا في ازدهار فرنسا والمغرب، لكنه للأسف أنهى أيامه في ظروف غير لائقة وفي طي النسيان

واضاف البيان ان الفقيد كان يعيش في غرفة صغيرة غير صحية، بدون أي أسرة في فرنسا، وكان في حالة من الإهمال التام، حيث كان يتناول وجباته حتى مع القوارض، وهو رمز حزين للعزلة التي يعيشها العديد من المتقاعدين من أصول مغاربية وإفريقية في فرنسا. وهذه الظروف المعيشية المقلقة، لا تتماشى مع القواعد الصحية المعمول بها في فرنسا، وتسلط الضوء على واقع مؤلم لهؤلاء المواطنين المغاربة من الجيل الأول. بعد أن ضحوا بشبابهم لدعم أسرهم وبلديهم، يجدون أنفسهم اليوم مهمشين وفقراء في شيخوختهم.

واشارت الجمعية انها قبل 12 عامًا، تعاونت مع جمعية “كاب سود إم آر إي” التي يقع مقرها في أكادير ويرأسها سالم فكير، وهو مغربي فرنسي من منطقة مانتوا، بدعم من النائب البرلماني بوريا أمير شاهين، للحصول على تعديل في قانون الضمان الاجتماعي بالشراكة مع وزارة الصحة في فرنسا. وسمح هذا التقدم المهم بإلغاء شرط “6 أشهر ويوم واحد” المفروض على المتقاعدين غير المجنسين، بإزالة مصطلح “الفرنسي” أمام كل تسمية “متقاعد”، مما سمح لهم بقضاء تقاعدهم في المغرب دون قيود زمنية.

ومع ذلك، بقي هذا الإصلاح غير مكتمل، لأنه لم يسمح لهؤلاء المتقاعدين بالحصول على معاشاتهم التكميلية. ومنذ ذلك الحين، لم يتم تناول هذا الملف كما يجب من قبل النواب الذين تعاقبوا في الدائرة التاسعة للفرنسيين في الخارج، مما ترك هؤلاء المتقاعدين محاصرين في فرنسا، غالبًا في مساكن جماعية، غير قادرين على الاستفادة من المنازل التي بنوها بشق الأنفس في المغرب.

وتتناقض هذه الحالة بشكل كبير مع حالة المتقاعدين الفرنسيين أو المجنسين، الذين يمكنهم العيش بحرية في المغرب دون قيود. وهذا التفاوت القانوني، الذي لا يزال قائمًا رغم الجهود المبذولة، يعاقب بشكل غير عادل أولئك الذين اختاروا عدم الحصول على الجنسية، مما يضعهم في موقف تمييزي مزدوج.

وتسلط قضية الفقيد مولاي الطاهر، الذي ينحدر من إقليم “إيفلين” (78)، الضوء أيضًا على الانقسامات الداخلية داخل المجتمع المغربي في منطقة مانتوا. في مدينة “مانتس لا جولي”، حيث تنافس مسجدين على تنظيم صلاة الجنازة يوم الخميس 17 أكتوبر 2024 (صلاة الجنازة) للفقيد مولاي الطاهر، حتى وصل الأمر إلى مضايقة ابنته التي تم العثور عليها بعد تحقيق، والتي تعيش في بلجيكا، وكذلك مضايقة شركات الجنازة الإسلامية التي تنافست على تقديم خدماتها.

ويعكس هذا الصراع الانقسامات المستمرة داخل المجتمع المغربي في إقليم “إيفلين”، بينما يتوفى العديد من المتقاعدين الآخرين في فرنسا في ظل لامبالاة تامة. تقوم السلطات القنصلية بالإجراءات اللازمة لتحديد عائلات المتوفين باستخدام الملفات المركزية، في حين تستمر بعض البنوك المغربية المكلفة بتغطية تكاليف الجنازات ونقل الجثامين في التملص من مسؤولياتها. وقد قدمت الجمعية العديد من الشكاوى في هذا الصدد دون أي نتائج إيجابية، رغم أن هؤلاء المتقاعدين قد دفعوا اشتراكاتهم طوال حياتهم.

وناشدت الجمعية المجتمع للتركيز على القضايا الحقيقية والنضال من أجلها. مشيرة الى ضرورة أن يتحلى مجتمع “مانتوا” بالكرامة والتواضع، وأن تُستخدم حالة مولاي الطاهر كفرصة للتوحد، من خلال التجمع يوم 17 أكتوبر 2024 الساعة 13:30 في مسجد مانتس سود، ساحة سانت آن.

واشارت الجمعية انه من الضروري أن نتذكر أن مولاي الطاهر لا يجب أن يلقى مصيرًا رمزيًا مشابهًا لسيدنا الحسين، عليه السلام، الذي دُفن جسده في مكانين منفصلين. هذه الاستعارة تسلط الضوء على أهمية الوحدة والتضامن للدفاع عن مصالح المجتمع والحفاظ على كرامة شيوخنا، كما يذكرنا اسم الفقيد: مولاي الطاهر الحاج مولاي الطاهر ان تضحياتهم تستحق التقدير والتضامن. من الضروري أن يتحرك المجتمع للدفاع عن حقوقهم وتحسين ظروف حياتهم.

ومع اقتراب الزيارة الرسمية للرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب، دعت الجمعية إلى الوعي الدبلوماسي العاجل وإدراج مسألة المعاشات التكميلية للمتقاعدين المغاربة غير المجنسين على جدول الأعمال. مشيرة الى ان هؤلاء الرجال والنساء، الذين اختاروا عدم طلب الجنسية الفرنسية، يجدون أنفسهم اليوم في وضعية ضعف كبيرة، محاصرين في نظام يمنعهم من العيش بكرامة في وطنهم الأم آملة في تضامن المجتمع ومسؤولية الحكومتين المغربية والفرنسية. لأنه من الملح إيجاد حل دائم وعادل لهؤلاء المتقاعدين، حتى يتمكنوا أخيرًا من الاستمتاع بتقاعد كامل وكريم على أرضهم الاصلية.