تقرير دولي يكشف اختلالات خطيرة في تدبير قطاع الدواء بالمغرب


حرر بتاريخ | 12/24/2025 | من طرف أمال الشكيري

أعربت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة عن قلقها البالغ إزاء النتائج “الصادمة” لتقرير تدقيق منظمة الصحة العالمية (OMS/GBT) الصادر في 12 دجنبر 2025.

وكشف التقييم عن فشل الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية في بلوغ “مستوى النضج الثالث” (ML3)، وهو المعيار الدولي الذي يمنح شهادة الموثوقية للسلطات الرقابية الوطنية، مما أدى إلى تراجع تصنيف المملكة وتأخر موقعها القاري في مجال الأدوية واللقاحات.

اعتبرت الشبكة في بلاغ لها، أن هذا الإخفاق ليس مجرد تعثر تقني، بل هو نتيجة مباشرة لسياسات دوائية وصفتها بـ”الفاشلة”، وسجلت في هذا السياق استمرار الارتفاع المفرط لأسعار عدد من الأدوية، التي تفوق في بعض الحالات عشرة أضعاف أثمنتها في بلدان المنشأ أو في دول أوروبية وإقليمية، في ظل عجز واضح عن كبح ممارسات الاحتكار والمضاربة داخل سوق الدواء.

كما نبهت الشبكة إلى ما وصفته بتصفية ممنهجة للرأسمال البشري داخل الوكالة المغربية للأدوية، بعد تسجيل مغادرة أزيد من 200 كفاءة علمية وتقنية، نتيجة ظروف عمل غير محفزة، وتعويض الخبرات المتراكمة بأنماط تشغيل غير مستقرة تضعف الاستمرارية والكفاءة المؤسسية.

وأبرزت الشبكة أن تقرير منظمة الصحة العالمية كشف أيضا عن أزمة عميقة في الحكامة والاستقلالية، من خلال تراجع المؤشر القانوني والرقابي للوكالة إلى مستوى مقلق، ما يعكس هشاشة القرار التنظيمي وخضوعه لإكراهات إدارية تحد من الشفافية والنجاعة.

وأشار التقرير إلى مفارقة تراجع المغرب في وقت نجحت فيه دول أفريقية مثل (مصر، غانا، نيجيريا، رواندا، والسنغال) في انتزاع اعتراف المنظمة بمستوى النضج الثالث.

هذا الوضع يضع مشروع السيادة اللقاحية (وحدة ابن سليمان) في مهب الريح، ويقلص فرص تسويق المنتوج الدوائي المغربي دولياً وقارياً، مما يضيع فرصاً استثمارية واستراتيجية كبرى على المملكة.

وأمام هذا الوضع، دعت الشبكة إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعادة النظر في أساليب تدبير وحكامة الوكالة المغربية للأدوية، مع الحد من تأثير المصالح الاقتصادية على القرار الدوائي الوطني. كما طالبت بالنشر الكامل والفوري لتقرير منظمة الصحة العالمية، وفتح تحقيق شفاف لتحديد أسباب هذا التراجع وتحديد المسؤوليات.

وشددت الشبكة على ضرورة إقرار إصلاح جذري لمنظومة تسعير الأدوية، بتنسيق مع مختلف المتدخلين، لضمان ولوج عادل للدواء، إلى جانب تمكين الوكالة من استقلالية فعلية تحفظ سيادتها التنظيمية وتوقف نزيف الكفاءات.

كما دعت إلى تفعيل الدور الدستوري لمجلس المنافسة، والانتقال من منطق التوصيات إلى منطق الزجر في مواجهة ممارسات الاحتكار والتواطؤ داخل سوق الدواء، سواء تعلق الأمر بالأدوية الأصلية أو الجنيسة.

وختمت الشبكة بالتأكيد على أن السيادة الصحية تشكل ركيزة أساسية للدولة الاجتماعية، ولا يمكن التفريط فيها بسبب اختيارات تدبيرية فاشلة. وأعلنت في هذا الإطار عن إحداث لجنة يقظة وتدقيق تضم خبراء قانونيين وعلميين، لمتابعة تطورات هذا الملف واتخاذ كل الخطوات القانونية والنضالية اللازمة دفاعا عن حق المغاربة في أمن دوائي عادل وموثوق، وفي منظومة صحية تحمي حياة الجميع.