بعد أشهر من الانتعاش غير المسبوق، بدأ السوق العقاري بمدينة مراكش يُظهر مؤشرات واضحة على الاستقرار، فحسب خبراء عقاريين، شهدت مبيعات العقارات تراجعا تدريجيا منذ بداية الفترة الصيفية ما بين يونيو وغشت 2025، وهو التباطؤ الذي امتدّ إلى غاية شهر أكتوبر من السنة نفسها.
ويرجع الخبراء هذا الانخفاض أساسا إلى ارتفاع الأسعار وتزايد حجم العرض داخل سوق بات يعرف تنافسية كبيرة، وهو ما دفع العديد من المشترين إلى تأجيل قراراتهم الاستثمارية.
وبحسب المصدر نفسه، أثّر ارتفاع الأسعار بشكل مباشر على قرارات عدد من المستثمرين الذين فضّلوا الانتظار قبل الإقدام على الشراء. ويُفسّر هذا المنحى بصعود الطلب على العقارات الموجهة للاستثمار في الإيجار، خصوصا الإيجار القصير عبر منصات مثل “Airbnb”، وذلك بالتزامن مع التعافي الملحوظ لقطاع السياحة بالمدينة الحمراء، واستمرار تدفّق الزوار الأجانب والمغاربة.
ويحاول العديد من المستثمرين اقتناص عقارات تتمتع بقدرة عالية على تحقيق عائدات إيجارية، على غرار الشقق الواقعة في أحياء مثل جليز، مَاجوريل، والحي الشتوي، إضافة إلى “الرياضات” والفيلات العصرية بالضواحي.
وأكد خبراء، أنه بعد شهور من النشاط القوي خلال السبعة أشهر الأولى من 2025، يدخل السوق العقاري بمراكش مرحلة جديدة تتسم بنوع من التوازن والبحث عن النجاعة الاستثمارية، ففي الوقت الذي يعرف فيه عدد من المبيعات تباطؤاً نسبيا، تحافظ المدينة على مكانتها كوجهة استثمارية بامتياز، بفضل قيمتها التاريخية والثقافية، خصوصا في فئة العقارات الراقية، إذ لا تزال مراكش تستقطب المستثمرين، خصوصا في سوق الفخامة، بحكم خصوصية عروضها وجودتها، خاصة في مناطق معينة مثل النخيل، المدينة العتيقة ومحيط ملاعب الغولف.
وتستمر العقارات في هذه المناطق -بحسب المصدر ذاته- في الحفاظ على قيمتها العالية نتيجة ندرتها وارتفاع عائدها الإيجاري، إذ تظلّ الفيلات المطلة على ملاعب الغولف من بين الأكثر طلبا، إلى جانب المنازل التقليدية المميزة بالنخيل، التي تحمل بصمة هندسية خاصة مستوحاة من أعمال “بوكارا” و“إيلي موياّل”.
كما يواصل المستثمرون الاهتمام بالريّاضات، سواء المرممة أو التي تحتاج إلى ترميم، بالنظر إلى مردوديتها المرتفعة وتفرّدها المعماري. وينطبق الأمر نفسه على العقارات بالضواحي، لا سيما على طرق أمزميز، تامصلوحت، والطريق نحو أوريكة.
ورغم التراجع الطفيف المسجل خلال الأشهر الأخيرة، تبقى مراكش وجهة جاذبة للمستثمرين الباحثين عن عقارات ذات هوية وخصوصية، ويتوقع خبراء أن “يستمر الاستثمار في العقار بالمدينة الحمراء خلال الأشهر المقبلة، خاصة في الفئة الراقية، إذ أن استقرار الأسعار سيساهم في عودة المستثمرين الذين جمّدوا مشاريعهم، وسيجذب فئة جديدة من الباحثين عن فرص استثمارية واعدة”.

