في خطوة تعد تتويجا لمسار دقيق ومستمر من العمل والتفاوض، شهدت مدينة مراكش صباح اليوم الأربعاء 10 دجنبر الجاري، حدثا مفصليا في تاريخ خدمات النقل العمومي بالمدينة، بعدما عقدت مجموعة الجماعات الترابية “مراكش للنقل” دورة استثنائية خصصت للمصادقة على اتفاقية التدبير المفوض للنقل الحضري بواسطة الحافلات، حيث تم رسميا التوقيع على الاتفاقية الجديدة، التي من المنتظر أن تحدث نقلة نوعية في القطاع، حيث من المنتظر ان تبدأ الحافلات الجديدة التي قدمت الى مدينة مراكش عملها في خدمة النقل الحضري بدء من يوم الاثنين المقبل.
وهذه الخطوة جاءت تحت إشراف مباشر من سمير كودار، رئيس مجلس جهة مراكش آسفي ورئيس مجموعة الجماعات للنقل، والذي لعب دورا مركزيا في إعادة ترتيب القطاع وإخراج هذه الاتفاقية إلى حيز التنفيذ، بعد أشهر من الاشتغال المكثف على المستويات التقنية، القانونية والمالية.
فمنذ تأسيس مجموعة “مراكش للنقل” وإطلاق مشاورات إعادة هيكلة القطاع، حرص سمير كودار على الدفع بملف تجديد النقل الحضري إلى الواجهة عبر سلسلة من القرارات والإجراءات التي مهدت لهذا التحول.
وتمثل الدورة الاستثنائية التي احتضنها مقر مجلس جهة مراكش اسفي صباح اليوم الاربعاء، لحظة مفصلية في مسار إصلاح قطاع النقل العمومي بالمدينة، بعدما قاد سمير كودار خلال الأشهر الماضية سلسلة من الاجتماعات الماراطونية، أثمرت إعداد دفتر تحملات متطور يواكب التحولات الحضرية لمراكش ويستجيب لمتطلبات الساكنة من حيث الجودة، التغطية، الانتظام، والجاهزية، وقد حرصت الجهة من خلال هذا الدفتر الجديد على إدراج معايير دقيقة تشمل تجديد أسطول الحافلات، اعتماد أنظمة رقمية متطورة، وتدبيرا مهنيا يضمن فعالية الخدمة واستدامتها.
وكانت مسطرة طلبات العروض قد فتحت الباب أمام شركة دولية ووطنية مؤهلة، لتخلص في النهاية إلى اختيار شركة “سوبراتور” التي نالت ثقة المجموعة بعد تقييم دقيق لعرضها التقني والمالي، وقد اعتُبر فوز الشركة تتويجا لمسار تنافسي شفاف، وضع مراكش على سكة نموذج جديد في تدبير النقل الحضري، قائم على الجودة وتعدد الخدمات وتوسيع شبكة الخطوط لتشمل الجماعات المجاورة للمدينة، بفضل الرؤبة المتبصرة لرئيس الجهة.
هذا وقد شهدت مدينة مراكش خلال شهر اكتوبر المنصرم وصول أولى دفعات الحافلات الجديدة التي ستشكل النواة الأولى لأسطول حضري حديث، بعدما جرى تجهيزها بأنظمة إلكترونية متقدمة لضبط التذاكر، وتدبير حركة الأسطول، وتوفير معلومات لحظية للمرتفقين، كما خضعت الحافلات لمعايير عالمية في الراحة والسلامة، في خطوة تؤشر على نهاية مرحلة الحافلات القديمة وبداية عهد جديد من خدمات النقل العمومي بمواصفات عصرية.
ويأتي التوقيع الرسمي على اتفاقية التدبير المفوض ليعلن فعليا عن انطلاق مرحلة تنفيذية منتظرة، ستُتيح لشركة سوبراتور بدء الاشتغال خلال الاسبوع المقبل، وفق برنامج مضبوط لضمان دخول تدريجي ومنظم للأسطول الجديد، بما يضمن تجنب الاضطرابات وتأمين نقل سلس واحترافي للمواطنين، ويُنتظر أن تحدث هذه الخطوة تحولا حقيقيا في الحياة اليومية للمراكشيين، خصوصا مع توسيع التغطية نحو الجماعات المجاورة وإعادة هيكلة الشبكة وفق رؤية شمولية للنقل داخل المدينة والجهة.
ولم تكن هذه النتائج لتتحقق لولا الدور المحوري لسمير كودار، الذي قاد ملف النقل منذ بداياته عبر رؤية واضحة، وإصرار على تجاوز إرث الفوضى والارتباك الذي طبع القطاع لسنوات، فقد عمل على إعادة الثقة في مؤسسة النقل العمومي من خلال تطوير الإطار القانوني والتنظيمي، وتعبئة مختلف المتدخلين، بهدف نقل مراكش نحو مستوى يليق بمكانتها كقطب سياحي عالمي وكمدينة كبرى تحتاج إلى منظومة نقل متطورة وفعّالة.
وتتقاطع هذه الجهود مع رؤية جهوية أشمل تروم دفع التنمية الحضرية لمراكش والمناطق المحيطة بها، من خلال إرساء العدالة المجالية في خدمات النقل وتحسين الربط بين الأحياء والمراكز الحضرية والقروية، وهو ما يجعل هذا المشروع خطوة أولى في مسار أكبر، يهدف إلى جعل النقل رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومكوّنا أساسيا في تحسين جودة العيش داخل المدينة.
وبهذا التوقيع الرسمي، تدخل مراكش فعلا مرحلة جديدة في تاريخ قطاع النقل الحضري، مرحلة تُبشر بظهور شبكة نقل حديثة، منتظمة وذات جودة، تعيد الاعتبار للنقل العمومي وتحدث نقلة حضارية طال انتظارها، في انتظار أن يلمس المواطنون ثمار هذه الثورة في شوارع المدينة وفي تفاصيل تنقلهم اليومي.

