جماعة مراكش تكرس فكرة “المحاميد النافع” و”غير النافع”


حرر بتاريخ | 11/29/2025 | من طرف كريم بوستة

وأنت تتجه صوب أحياء المحاميد بتراب مقاطعة المنارة بمراكش، تكتشف بوضوح أن الأمر لا يتعلق بمنطقة سكنية واحدة ولا بنسيج عمراني موحّد أو بنيات تحتية متشابهة، بل بمنطقتين متناقضتين تماماً، تكرّسان مبدأ “المغرب النافع وغير النافع”، بفعل الانتقائية التي تمّ التعامل بها مع ساكنة واحدة من أكبر المناطق السكنية بالمدينة.

فانطلاقاً من بداية شارع كماسة في اتجاه مطار المنارة، مروراً بأولى أحياء المحاميد مثل بوعكاز وعدد من الأحياء المجاورة، يعاين المرء جودة الطرقات، والبنيات التحتية، والإنارة العمومية، والولوجيات، والإشارات الضوئية، وكل التفاصيل التي تؤكد أننا في مدينة منظمة وأنيقة. لكن ما إن تتجاوز مدار مدخل المطار بأقل من عشرة أمتار، حتى يتوقف بك الزمن فجأة ويعيدك إلى الوراء، إلى عهد الطرقات المليئة بالحفر والتشققات التي تضاعفت بعد الزلزال، وإلى غياب الولوجيات المتعارف عليها، وغياب التشوير الأرضي واهتراء التشوير العمودي، وغيرها من مظاهر الانتقائية في التجهيز.

وأول فكرة تتبادر إلى الأذهان أن ما يهم الجهات المعنية هو السائح و”البرّاني”، وكل من يحلّ بمراكش عبر مطار المنارة، أما آلاف المواطنين القاطنين خلف المطار، فلا يهمون أحداً. إذ تم فقط ذرّ الرماد في أعينهم خلال انطلاق أشغال تهيئة شارع كماسة، من خلال إنجاز بعض الأشغال الطفيفة التي أوحت للجميع بأن الشارع بأكمله، إلى ما بعد المحاميد 9، مشمول بالإصلاح. قبل أن يتفاجأ السكان بأن ما كان مهماً فعلاً هو الجزء الرابط بين المطار ووسط المدينة، أما التجهيزات الخاصة بالساكنة المحلية فبقيت على حالها منذ عقود.

ويبدو أن الحماس الذي أبدته جماعة مراكش خلال الأشغال التي باشرتها قبيل انعقاد اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، قادها للشروع في تهيئة بعض المناطق التي لم يُكتب لها أن تستفيد من الأشغال كاملة، خصوصاً تلك التي لا تتواجد في الواجهة أو على المسارات التي ستسلكها الوفود الرسمية.

وذلك على عكس الجزء المحظوظ من شارع كماسة، المتواجد ما قبل مدارة مدخل مطار المنارة، حيث حظي المقطع الرابط بين المطار الدولي ووسط المدينة بأرقى التجهيزات. بينما لم ينل الجزء الرابط بين المدار المذكور وباقي أحياء المحاميد سوى “رتوشات” أوحت بقرب انطلاق الأشغال، دون أن يتحقق أي شيء بعد مرور أكثر من سنتين على وضع تلك التجهيزات، خصوصاً على مستوى الملتقيات الطرقية، مثل الولوجيات الخاصة وممرات الراجلين والإشارات الضوئية الجديدة، التي لا يزال معظمها خارج الخدمة.

ويتساءل المهتمون بالشأن المحلي عن سبب هذه الانتقائية، وإن كانت الجماعة فعلاً جادة وتنوي إتمام الأشغال في هذا الشارع الحيوي. غير أن هذا الاحتمال يبقى ضعيفاً في ظل غياب أي مؤشرات تعزّزه، ما يزيد من شعور الغبن لدى ساكنة المحاميد، التي تحتاج فعلاً إلى التفاتة حقيقية، بعدما حُرمت من التجهيزات الضرورية والمساحات الخضراء والطرقات المهيأة بالشكل الذي يتناسب مع تطور البنيات الحضرية في مناطق سكنية أخرى بالمدينة.