بين الحاجة اليومية والقيود الأمنية.. استياء من التضييق على الدراجات داخل المدينة العتيقة


حرر بتاريخ | 11/20/2025 | من طرف أسماء ايت السعيد

أثارت الحملة التي شنتها المصالح الأمنية مؤخرا ضد الدراجات النارية داخل أزقة ودروب المدينة العتيقة لمراكش موجة كبيرة من الاستياء في صفوف السكان، خصوصا أن هذه الوسيلة تُعدّ جزءا أساسيا من الإيقاع اليومي لساكنة الأحياء التاريخية بالمدينة، بالنظر إلى البنية العمرانية لهذه المناطق وبُعدها عن محاور النقل العمومي الحديثة، ما يجعل الدراجة النارية أكثر من مجرد وسيلة نقل.

بالنسبة لآلاف الأسر داخل الأسوار، تُشكّل الدراجة النارية الوسيلة الوحيدة للتنقل نحو العمل، الدراسة، الأسواق أو المرافق الصحية؛ لذلك يصعب تخيّل أسرة تقطن في عمق دروب المدينة العتيقة مطالبة بقطع مئات الأمتار مشيا على الأقدام قبل ركوب الدراجة أو العثور على وسيلة نقل عمومية غير متوفرة أصلا.

والمفارقة الصارخة أن هذه الدراجة، التي يفرضها الواقع العمراني والاقتصادي، أصبحت اليوم موضع تضييق نتيجة الحملات الأمنية المكثفة التي تستهدف تنظيم استعمالها داخل الأسوار، وهو ما اعتبره عدد من المتضررين تعقيدا للحياة بدل تنظيمها، خصوصا في ظل غياب بدائل واقعية قادرة على سد الفراغ.

ووفق ما عاينته “كشـ24” من ردود أفعال على هذه الحملة، فإن عددا كبيرا من المواطنين، خصوصا من ساكنة الأحياء القديمة، اعتبروا طريقة تنفيذ هذه الحملة فيها  نوع من “الحكرة”، إذ من غير المنطقي -حسب المتضررين- فرض قيود مشددة على دخول الدراجات إلى بعض الأزقة دون توفير بدائل عملية، مشيرين إلى أن المنع الشامل ليس حلا، بل مجرد ترحيل للمشكل من مكان إلى آخر.

ويرى متتبعون أن الأجدى هو اعتماد مقاربة عقلانية تشمل عدة جوانب، من بينها: إحداث مسارات واضحة ومنظمة للدراجات بدل القرارات الفجائية؛ تحديد أوقات معينة تُمنع فيها الدراجات بالفضاءات السياحية الأكثر ازدحاما؛ أو توفير بدائل نقل مناسبة داخل المدينة العتيقة تراعي واقعها العمراني، بما يضمن تنظيم حركة المرور دون المساس بحق الساكنة في التنقل.

وفي هذا السياق، عبّر عدد من المواطنين عن تخوفهم من أن تتحول المدينة العتيقة مع مرور السنوات إلى فضاء مُهندَس لتلبية رغبات السياح الأجانب على حساب حقوق السكان الأصليين؛ فالمدينة ليست -بحسبهم- ديكورا للصور ولا متحفا مغلقا، بل فضاء حيّ يعيش فيه عشرات الآلاف ممن يحتاجون إلى العمل والدراسة والعلاج والعيش بكرامة، مؤكدين أن السائح يظل ضيفا مرحّبا به، لكن دون أن يتحول حضوره إلى سبب لإعادة تشكيل المجال الحضري على حساب حياة السكان اليومية.

وشدد مواطنون على أن الحملات الأمنية الجارية يجب أن تُفهم في سياق تحسين السلامة وتنظيم المرور، لا في سياق إقصاء المواطن من فضائه، وهو ما يتطلب -وفقهم- تنظيما رشيدا ومتدرجا يعالج الفوضى دون المساس بحق أساسي هو حرية التنقل.