“مراكش للعالم”.. المراكشيون زبناء من الدرجة الثانية في مدينتهم!


حرر بتاريخ | 11/18/2025 | من طرف أسماء ايت السعيد

تعيش مدينة مراكش، رغم شهرتها العالمية وكونها إحدى أهم الوجهات السياحية بالمغرب، على وقع مفارقة صارخة تتمثل في ندرة الفضاءات الترفيهية العمومية الموجهة لساكنتها إن لم نقل انعدامها؛ فبينما تحتضن المدينة مرافق فاخرة لفائدة الزوار، يبقى العرض المخصص للمراكشيين محدودا وموزعا بشكل غير عادل بين الأحياء، مما يحرم آلاف الأسر من فضاءات آمنة ومفتوحة للترويح عن النفس.

ويُعدد المهتمون بالشأن المحلي، باستمرار معاناة العديد من الأحياء، خصوصا الشعبية والهامشية، التي تعاني من غياب شبه تام لحدائق مجهزة، ساحات عمومية صالحة للجلوس، أو مسارات مخصصة للمشي والرياضة، وهو ما يفاقم الإحساس بالعزلة بالنسبة للأسر، خصوصا تلك التي لا تملك القدرة على ارتياد المرافق الخاصة، ويجعل الأطفال والشباب في مواجهة مباشرة مع الفراغ وغياب بدائل صحية لقضاء الوقت.

وشدد متتبعون للشأن المحلي، أن هذا النقص لا يقتصر على الجانب الترفيهي فقط، بل يتجاوزه إلى تأثير مباشر على الصحة النفسية والجسدية للسكان، لافتين إلى أن غياب أماكن مخصصة للعب والرياضة يدفع الأطفال إلى قضاء وقت أطول أمام الشاشات، ويقلص فرص الشباب في ممارسة أنشطة بدنية، كما يحرم الأسر من متنفس ضروري للهروب من ضغط الحياة اليومية.

ويزداد هذا الخصاص وضوحا عند الحديث عن غياب حديقة للحيوانات في مراكش، على خلاف مدن مغربية كبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، أكادير وغيرها، التي تضم على الأقل فضاءات مخصصة لاكتشاف الحيوانات وإتاحة تجربة تربوية وترفيهية للأطفال؛ في وقت تفتقر فيه مدينة بحجم مراكش، ذات طابع سياحي وثقافي غني، إلى هذا المرفق الحيوي الذي يشكل في باقي المدن نقطة جذب أساسية للعائلات وفضاء تعليميا مهما للناشئة.

ويطرح هذا الوضع سؤال العدالة المجالية في توزيع المرافق؛ ففي الوقت الذي تُتاح للسائحين فضاءات واسعة داخل الفنادق والمنتجعات والحدائق الخاصة، يضطر المواطنون إلى الاكتظاظ في عدد قليل من الحدائق العمومية المتوفرة، والتي غالبا ما تكون بعيدة عن مناطق سكنهم.

وفي هذا الإطار، يطالب فاعلون مدنيون ومواطنون، بوضع رؤية حقيقية لتأهيل المجال الأخضر والترفيهي داخل مراكش، مشددين على أن معالجة هذا الخصاص لم يعد ترفاً، بل ضرورة حضرية وحقا أساسيا من حقوق الساكنة، مؤكدين أن المدن الناجحة ليست فقط تلك التي تستقبل الزوار، بل التي تضمن لساكنيها فضاءات تمنحهم الراحة، الصحة، والعيش الكريم في بيئة متوازنة.