البشيكري يكتب .. زلزال الحوز امتحان في الانسانية اجتازه المغاربة


حرر بتاريخ | 09/23/2023 | من طرف كشـ24

زكرياء البشيكري


اهتزت أرضنا يوم الجمعة الثامن من شتنبر الجاري، و اهتزت قلوبنا أثناء اهتزاز الأرض و جثم الخوف على صدورنا، و أحسسنا باقترابنا من مصيرنا و نقطة النهاية، اهتزت أرضنا و شعرنا و كأن العالم سيتوقف و أن الله سيعلن نهايته، لكن بعد ثواني توقفت الأرض الجدباء عن الاهتزاز و المباني عن التحرك، هكذا أحس البعض في الوهلة الأولى لكن بمرور الوقت أصبحنا نستشعر خطورة الهزة و الكارثة التي أحدثها.

تجند الجميع صباح اليوم الموالي و في مقدمتهم السلطات و الوقاية المدنية، من أجل فك العزلة و فتح الطرقات التي دمرت بفعل انهيار الجبال و انزلاق الأحجار الكبيرة و الصخور منها، و من أجل الوصول إلى من قضى ليلته تحت الأنقاض فمنهم من لازال يتنفس بصعوبة و ينتظر ساعته، و منهم من فارق الحياة و لفظ أنفاسه الأخير، و آخرون نجوا بأعجوبة، و يحاولون البوح و الحكي عن المشاهد المؤلمة و المخيفة التي عاشوها و شاهدوها تلك الليلة السوداء في نظرهم، و منهم من لايزال تحت تأثير و هول الصدمة و لازالت الهزات الخفيفة توقظ فيه نفس الشعور بالخوف و الهلع.

حشود غفيرة في اتجاه جبال الأطلس الكبير

انتصر الشعب المغربي في مواجهته مع هذه الكارثة البيئية بتضامنه المنقطع النظير، و أكد من جديد أنه شعب حقيقي متماسك و متضامن، و ضرب مثلا يحتذى به في قيم التآزر و التعاون و التضحية، و لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا مهما في تحديد مجموعة من الدواوير المنكوبة و نشر نداء استغاثة ساكنتها، و في تشجيع الآخرين على الانخراط في الحملة الوطنية لجمع التبرعات و المساهمات العينية، و انطلاق شاحنات و عربات مختلفة الأحجام من كافة المدن المغربية نحو المداشر و القرى بكل من أقاليم الحوز، تارودانت، شيشاوة و ورززات، الشيء الذي نجم عن كثرة الاكتظاظ و الازدحامات المرورية الخانقة على مستوى الطرق و المسالك الوعرة في الأيام الموالية لزلزال الحوز، و خاصة الطرق التي تؤدي إلى الدواوير المتضررة، التي سقطت و انهارت جميع منازلها و خيم على سماءها جو الحزن و الألم بسبب استشهاد أبناءها و عدد كبير من ساكنتها.

خراب شامل و الحزن سيعود بعد عودة الجميع

خسرت منزلي و زوجي و فلذات كبدي هكذا صرحت “إبا إيجو”، و تضيف “نعم نجوت بأعجوبة لكنني تمنيت لو أنني لم أركض إلى خارج المنزل و بقيت رفقت ابنتاي و زوجي”، و بعد أن غالبت الدموع “إبا إيجو” قالت “ربي بغاهم خداهم شهداء”، و يمكن اعتبار هذه العبارة هي مسكن آلام السيدة إيجو الروحي الوحيد، لأن ابنتيها و زوجها هم الآن من الشهداء الصالحين و أن لاخوف عليهم، و تسترسل قائلة “فقدنا مجموعة من الأشخاص في دوارنا و خسرت عمي و ابنة خالتي أيضا” و تضيف ” انظر الجميع هنا حزين نحن الآن نغالب دموعنا فقط لأنكم ضيوفنا و لكونكم صحافة نخجل من إظهار ضعفنا، و مواساتكم لنا خففت عنا قليلا، لكن بمجرد عودتكم إلى بيوتكم سيخيم الحزن على دوارنا من جديد”.

الصحافة و سؤال المهنية

تظهر معادن الرجال في المصائب والكوارث، و تظهر معها انتهازية أشباههم المنعدمون من مشاعر الأخوة والحب والتعاطف، و أولائك الذي جعلوا من هذه الكارثة الطبيعية فرصة للبحث عن المشاهدات و المتاجرة بآلام أولئك البسطاء، و جعلهم مادة للاستهلاك على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، في الآن نفسه طفت فوق السطح كائنات تسمي نفسها صحافة و الصحافة بريئة منها براءة الذئب من دم سيدنا يوسف، و تأخذ صورا و فيديوهات من أجل دغدغة مشاعر المشاهد و استفزازها دون مراعاة لأخلاقيات مهنة الصحافة و النشر، و هذا سؤال يطرح نفسه و يسائل السلطات و كافة المتدخلين عن ضرورة خلق آليات رصد و جزر منتحلي صفة الصحافي و متابعتهم أمام المؤسسات المسؤولة عن ذلك.