منير أزناي يكتب عن ذكرى عيد الشباب وحصيلة 24 سنة من المكتسبات والتحديات


حرر بتاريخ | 08/24/2023 | من طرف كشـ24

يخلد الشعب المغربي في الواحد والعشرين من شهر غشت ذكرى عيد الشباب المجيد وهو ما يصادف هذه السنة الذكرى الستين لعيد ميلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يشكل فرصة لاستحضار أهم الإنجازات التي حققها خلال فترة حكمه التي بدأت في عام 1999 في تطوير وتعزيز مكانة الشباب في المملكة المغربية، توجيها وتنظيرا وتقويما.

لقد أولى صاحب الجلالة في خطاب العرش الأخير حيزا هاما للشباب خاصة عندما أكد على “أن الشباب المغربي، متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم، بإنجازات كبيرة، وغير مسبوقة”، وهي ليست مجاملة رسمية فحسب بل هي رسالة تحرك الرؤية المولوية لصاحب الجلالة منذ توليه العرش، إذ أولى الملك محمد السادس اهتمامًا كبيرًا بالشباب، مدركا أنهم هم مستقبل البلاد وركيزتها الأساسية، لتتركز جل اهتماماته في توفير الفرص والبيئة الملائمة لتطوير مهارات وقدرات الشباب، وذلك من خلال العديد من المبادرات والإصلاحات التي تستحق الاستحضار والإشادة، والتي سنتطرق لها من خلال ثلاث واجهات أساسية، هي التعليم والاستثمار والفعل المدني الثقافي.

1. رؤية إصلاحية للتعليم والتكوين المهني :

منذ توليه العرش والتعليم يحظى بالأهمية البالغة في أجندة صاحب الجلالة، وهو ما تثبته الخطط الإصلاحية التي ينهجها المغرب لإصلاح القطاع الأكثر أهمية في المغرب.
وقد شمل هذا الإصلاح جانبين مهمين هما تعزيز دور اللغات في المنظمة التعليمية مما يمكن الطالب من اكتساب كفايات لغوية تساعده على تطوير مساره المهني وتقوية قدراته التحصيلية والتكوينية، وهو جانب مهم لا بد من تطويره أكثر خاصة في ظل انفتاح المغرب على العالم ومع التزايد الكبير لأهمية اللغات في عالم يتطور على المستوى التقني بشكل كبير.

ينضاف إلى ذلك تطوير التعليم بما يتناسب مع حاجيات سوق الشغل، وهو ما انطلق مع الإصلاح الشامل لمنظومة التكوين المهني من خلال إضافة مراكز وشعب جديدة تتلائم والحاجيات التي يفرضها عالم اليوم ومن خلال منظومة مرنة تتطور بتطور المجالات التي يشملها التكوين المهني في بلادنا والذي يستفيد منه جزء كبير من الشباب، كما يزخر بكفاءات شابة تخطط وتطور وتقترح.

بالإضافة للورش الكبير لإصلاح القطاع الجامعي والذي سينطلق مع النظام الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ مع الموسم الجامعي المرتقب والذي يشكل ضربة بداية لإصلاح طويل يهم الشكل والمضمون في الجامعة المغربية.

ولا ننسى أن المغرب خلال هذه السنوات يجني بفخر ثمار إصلاح التكوين الرياضي الذي ساهم في إنجازات رياضية هامة خاصة في كرة القدم التي أصبحت اليوم مجالا تكوينيا هاما لا يقتصر فقط على لعب الكرة بل على رؤية تكوينية متبصرة تترجم تفاصيلها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم ومراكز التكوين المتعددة الموجدة للأطفال والشباب التي أطلقها المغرب والتي يستعد لإطلاقها.

إلا أن هذه الإصلاحات وأن أعطت أكلها فهي لا زالت تصطدم بواقع يكبحها أو يؤخر نتائجها وهو ما يتطلب مزيدا من “الجدية” من طرف الفاعلين في المدرسة والجامعة ومراكز التكوين بما يتناسب مع الطموحات التي يرفعها المغرب وبما يحقق نهضة وتنمية نرجو أن تكون كما نطمح جميعا، وبما يتوافق مع توقعات الشباب وآمالهم في مستقبل زاهر ومشرق يحفظ كرامتهم ويزيد من اعتزازهم ببلدهم ومؤسساته التعليمية.

2. رؤية نهضوية للاقتصاد والاستثمار والفعل المقاول :

لقد شكل الجانب الاقتصادي والاستثماري أحد أكثر النقط إثارة للانتباه في عهد الملك محمد السادس، فقد حقق المغرب خلاله طفرات اقتصادية كبرى جعلت منه نموذجا يحتذى به، خاصة فيما يتعلق في القدرة على خلق فرص الاستثمار للشباب وإطلاق البرامج الكفيلة بذلك ودعم المشاريع الناشئة والتعاونيات الاقتصادية التي يديرها الشباب خاصة في المجال الفلاحي القروي.

ولقد تزايدت الرغبة في السنين الأخيرة في إعطاء مزيد من الفرص المقاولاتية للشباب من خلال برامج عديدة أطلقها المغرب كبرنامج أوراش وبرامج دعم المشاريع التي أطلقتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والموجهة للشباب بشكل كبير لتتزايد بذلك ثقافة الاستثمار والمقاولة عند الشباب لنتجاوز بفضل ذلك ثقافة المهن التقليدية وانتظارية التوظيف العمومي الذي لا يمكن أن يستوعب ملايين الشباب المغاربة.

ولا يقتصر المغرب على دعم الشباب المغاربة القاطنين بتراب المملكة ولكن حتى الشباب الجالية المغربية المقيمة بالخارج والتي تزخر بطاقات واعدة ومسارات مهنية ومستثمرين شباب يمكنهم تقديم الكثير للمغرب والمغارب.

لكن حتى وإن عرف المغرب طفرة في هذا الجانب إلا أن صعوبة المساطر الإدارية و بعض الإجراءات البيروقراطية لازالت تعرقل هذه المشاريع الرائدة والتي بزوال هذه العراقيل لا شك أنها ستعطي نتائج أكبر كما ستمكن من امتصاص مؤشرات سلبية تعيق المسار التنموي لبلادنا وتعقد وضعية شبابنا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
3.رؤية داعمة ومواكبة للفعل الثقافي والمدني:

إن الفعل الثقافي والمبادرات المدنية عمودان من أهم الأعمدة التي قام عليها تطور المغرب في السنين الأخيرة، فلا أحد يمكن أن ينكر دور المجتمع المدني والمؤسسات المدنية الجادة في تفعيل الرؤى الملكية وفي الدفع بعجلة التنمية بالمغرب.

ولعل أقرب مثال هو النضال والجهاد الكبير الذي خاضته هذه المؤسسات رفقة مؤسسات بلادنا في تدبير الجائحة على المستويين التحسيسي والتضامني، وهو ما لا شك أنها ستقوم به كلما دعت الضرورة لذلك، مجندة بجحافل الشباب المعتز بوطنيته والفخور بوطنه.

دون أن ننسى المحطات التاريخية التي تجند فيها المجتمع المدني خدمة للقضايا الوطنية، خاصة مجهوداته في خدمة قضية الصحراء المغربية، القضية الوطنية الأولى للمملكة أو في فترة الانصاف والمصالحة، واستفتاء دستور 2011، والمحطات المختلفة التي لعب فيها المجتمع المدني أدوارا مواطنة تاريخية خدمة للمغرب ومصالحه العليا.
ينضاف إلى ذلك التطور الكبير الذي عرفه المغرب على المستوى الحقوقي، إذ يساهم المجتمع المدني في زيادة الوعي الحقوقي للشباب والإقناع بأهمية العمل السياسي والانخراط الحزبي والمدني ورفع وثيرة الوعي بجدوى المؤسسات وتقوية العلاقة والثقة بين الشاب المغربي والدولة.

كما شكلت الثقافة عنصرا مركزيا في مغرب اليوم المنفتح ثقافيا والذي ساهم انفتاحه في تقوية حضوره الدولي سياسيا ودبلوماسيا من خلال الحضور الثقافي الوازن للمغرب في الساحة الدولية وهو ما لم يكن ليحصل لولا الطاقات الشابة التي يفتخر المغرب بها في مختلف المجالات الثقافية والفكرية.

لكن الحاجة ماسة اليوم لتفعيل مؤسسات الشباب الدستورية والتي انتظرها شباب المغرب منذ دستور 2011 خاصة مع يعرفه المجتمع المدني من متطفلين ومتحدثين باسم الشباب لا يشرفون شباب المغرب ولا يقومون بالأدوار الحقيقية التي ينبغي لهم أن يقوموا بها ويكتفون بخطاب سطحي أو ترويج أجندات أجنبية أو التملق المستمر، وهي ممارسات تأخد في اوقات كثيرة هالة كبرى خاصة مع الفراغ الحاصل وغياب المتحدثين الحقيقيين والمدافعين عن قضايا الشباب، كما تخلف شعورا سلبيا جمعيا لدى الشباب وتذمرا مما يعوق الخطط الكبرى للدولة ورؤاها وتوجهاتها وأوراشها الخاصة بالشباب بشكل صامت وخطير.

إن مسار صاحب الجلالة الملك الذي وهب شبابه خدمة للمغرب، مسار يستحق الاحتفاء، والإشادة والتخليد رؤية وتنفيذا، كما يستحق الإشارة إلى مناطق الضعف التي تعطل التنفيذ أو تسيء إلى الرؤى … وهو أقل شيء يمكن القيام به تقديرا للملك وللمغاربة جميعا.

منير أزناي