لم تكن حادثة تدوينة المدعوة ابتسام الشكر رئيسة ما يسمون جمعية مالي، أو ما تسميه الحركة البذيئة – عفوا البديلة -من أجل الحريات الفردية مجرد رأي عابر على مواقع التواصل الاجتماعي بل شكلت صدمة، واستفزازا جماعيا للرأي العام المغربي لما حملته من مساس واضح وصريح بالثوابت الثلاثة للمملكة.
ابتسام لشكر التي عرفت في السنوات أخيرة بخطابها المستفز للقيم الدينية والاجتماعية للمغاربة اختارت هذه المرة أن تتجاوز الخطوط الحمراء بشكل فاضح عير تدوينة حملت إيحاءات تمس بالمقدسات متذرعة بما تسميه حرية التعبير غير أن جوهر النقاش هنا ليس الحق في التعبير بل حدود هذا الحق ومسؤولية صاحبه في احترام كرامة المجتمع ومعتقداته وقوانينه.
الحرية، كما علمنا التاريخ وأدبيات الفكر والحوار، وكما نصت المواثيق الدولية والأخلاق الكونية ليست مطلقة ولا فوضوية إنها حق مقرون بالمسؤولية، ومرتبط بوعي الفرد بأثر كلماته وأفعاله على السلم الاجتماعي والحرية التي تتحول إلى غطاء الخدمة أجندة معينة تريد المساس بالثوابت الوطنية ومقدسات المملكة أصبحت واضحة لشعب واع والنخبة تفرق بين الحرية واختلاف الرأي وبين البلادة واستغلال الفضاءات الإلكترونية كمنصة العرض الانحطاط، حيث تفقد الحرية المزعومة معناها النبيل وتتحول إلى أداة للهدم والتشرذم .
ما نشرته رئيسة جمعية مالي لم يكن تعبيرا عن رأي فكري أو اجتهاد شخصي في نقاش عمومي بل كان استفزازا مباشرا المشاعر ملايين المغاربة، وامتهانا لقيمهم الدينية والوطنية، وتطاولا على المؤسسات التي تشكل عماد استقرار البلاد.
ومن هنا. جاء التدخل القانوني السريع عبر استدعاتها من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في خطوة لقيت ترحيبا واسعا من طرف المغاربة الشرفاء الذين رأوا فيها رسالة واضحة مفادها أننا في دولة القانون، وأن هذا الأخير فوق الجميع حتى أولئك الذين يحاولون إحراجه عند خرقه ثم اتهامه بالتضييق على الحريات وهي ممارسات باندة أصبحت واضحة للعيان ، كما أن هذا الاستدعاء أكد مرة أخرى أن الثوابت الوطنية خط أحمر لا يجوز تجاوزه، وهي خطوة استقبلها المواطنون بارتياح كبير.
المغرب، بحكم تاريخه العريق وتنوعه الثقافي تبنى نموذجا متفردا في تدبير الحريات الفردية والجماعية قائما على التوازن بين الانفتاح وحماية الهوية. وقد نص الدستور المغربي بشكل واضح على أن الإسلام دين الدولة، وأن المملكة موحدة تحت سيادة الملك أمير المؤمنين، وأن الوحدة الترابية والملكية خط أحمر لا نقاش فيه. هذه ليست مجرد نصوص بل ضمانات للاستقرار وحماية للنسيج الاجتماعي من الانقسامات والصراعات
التجارب الدولية تثبت أن المساس بالمقدسات غالبا ما يفتح الباب أمام الفوضى والانقسام، ويؤجج الأحقاد والكراهية والذين يبررون هذا المساس بشعار حرية التعبير يتجاهلون أن هذه الحرية، كما نصت المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. يمكن تقييدها لحماية النظام العام والاخلاق العامة وحقوق الآخرين
وفي النهاية يبقى الشعار الخالد الله الوطن الملك ليس مجرد كلمات ترفع في المناسبات الوطنية، بل ميثاقا روحيا وسياسيا يجمع المغاربة على اختلاف مشاربهم من يعبث بهذا الميثاق يعبث بأساس البيت المشترك، ومن يحاول هدمه عليه أن يتحمل تبعات أفعاله أمام القانون وأمام الوطن وأمام التاريخ