الأندلسي يكتب.. التعليم  و التجارة و غياب الرقيب


حرر بتاريخ | 09/06/2023 | من طرف ادريس الاندلسي

يتزايد الضغط المالي كل سنة على الأسر التي اختارت،  لظروف معينة، أن  تسجل أبنائها في المدارس الخاصة. تبحث الأسر عن مبررات الزيادات المتتالية في رسوم التسجيل  و التأمين  و النقل المدرسي  و اللوازم الدراسية فلا تلقى جوابا مقنعا لا من طرف المدارس الخاصة  و لا من طرف الوزارة. أجور رجال  و نساء التعليم الخاص تظل شبه مجمدة  و تكاليف التسيير  و التأطير التربوي لا تعرف إرتفاعا كبيرا،  و رغم كل هذا يعاد تشغيل نفس الاسطوانة كل سنة للرد على تساؤلات الأسر.


يشكل التعليم الخصوصي حوالي 15%% من مجموع التلاميذ  و الطلبة ببلادنا الذي يتجاوز 10 ملايين. و لا يوجد أي إطار قانوني يحدد أسعار تقديم الخدمة التعليمية الخاصة.  هناك بالطبع فروقات في مستويات الأسعار بين المدارس الخاصة تشبه إلى حد بعيد ما يحدث في الفنادق السياحية.  هناك مدارس خمسة نجوم التي ” تضمن” خدمة تؤدي إلى القبول في المدارس العليا  و هناك مدارس نجمة أو نجمتين التي توجد في الغالب  وسط الأحياء الشعبية التي تقطنها الطبقة الوسطى. و الكل  يعرف أن مدارس  خمسة نجوم لا تسجل التلاميذ لديها إلا بعد  التأكد  من تميزهم  ودرجة تحصيلهم الدراسي.  و لهذا تعرف نتائج هذه المدارس ارتفاعا  بالمقارنة  مع غيرها.

و غالبا ما تلجأ المدارس الخاصة لمدرسين يشتغلون في المدارس العمومية و تتعامل معهم في إطار إتفاق خاص او شبه سري يسهل التهرب الضريبي.  و لعل المتتبع لما جاء في الإجراءات  الجباءية في قانون للمالية لسنة  2023 قد لاحظ الزيادات الضريبية التي مست هذه الفئة من الأساتذة. و الغريب في الموضوع هو الفرق في المجهود المبذول من طرف الأستاذ حين يحط الرحال في المدرسة الخصوصية بعد تلك الساعات التي يقضيها في المدرسة العمومية.  هذا الأمر لا يهم إلا جزءا من الأساتذة  و خصوصا ذوي الاختصاص في المواد العلمية.

أما أساتذة هذا القطاع  و موظفيه فغالبا ما تنقص اجورهم  و حقوقهم بكثير عن القطاع العام. أغلبهم يعيش هشاشة اجتماعية و غياب حماية من طرف المصالح العمومية المختصة  و حتى من طرف بعض النقابات.


و يظل السؤال الجوهري هو تراجع المدرسة العمومية رغم تزايد الجهد المالي الكبير الذي تتحمله الميزانية العمومية منذ سنوات كثيرة.  و بالطبع يظل التفوق الفردي  و التميز ملتصقا بالمدرسة العمومية  و لكن هذا التميز يبقى محدودا في اقلية تلقى دعما  و تأطيرا أسريا متواصلا  و قويا بالإضافة إلى أساتذة اكفاء ذوي عزيمة و إلتزام.

ارتفعت ميزانية التعليم من 49،4 مليار  درهم سنة 2010 إلى حوالي 86 مليار درهم، بما فيها ما تم تخصيصه لقطاع الرياضة، سنة 2023 و ظلت الحالة العامة للقطاع كارثية. و هذا ما أكدت عليه أشغال الدورة الأولى العادية للمجلس الأعلى للتعليم  و التكوين و البحث العلمي التي انعقدت في يناير 2023.

أبرز  الوزير بن موسى أن  حوالي  300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا. التمدرس بالعالم القروي يصطدم بضعف المستوى المالي للأسر  و هو ما يؤدي إلى هدر كبير يطال البنات أساسا.

يضاف إلى هذا ضعف الكفاءات الدنيا لدى الطلبة  و هو ما جعل بلادنا تحتل المرتبة 77 على 79 بلدا في هذا المجال.  الأمر يزداد ضعفا بالنسبة للقراءة مع احتلال الرتبة 75 عالميا و الأمر ينطبق أيضا على الرياضيات التي يتميز فيها قلة من التلاميذ المغاربة عالميا.

المهم هو أن العمل على ترقية التعليم يتطلب مجهودا مجتمعيا  و سياسيا لتعبئة كل الطاقات لتجاوز هذه الوضعية الصعبة.  هناك مخطط يمتد إلى غاية  2026