العيادي يكتب عن أهم اختيار في الحياة


حرر بتاريخ | 09/21/2025 | من طرف كشـ24

في مسار الحياة، نجد أنفسنا أمام العديد من الاختيارات: الدراسة، المهنة، مكان العيش، الأصدقاء، المشاريع… لكن من بين كل هذه القرارات، يظل هناك خيار واحد يتميز بتأثيره العميق والمستمر: اختيار الزوجة. فهذا القرار لا يحدد فقط مقدار السعادة الشخصية، بل يؤثر أيضًا على استقرار الأسرة، وتربية الأبناء، وأحيانًا حتى على النجاح المهني والروحي.

واختيار الزوجة لا يعني مجرد اختيار شخص لمشاركة تفاصيل الحياة اليومية، بل هو اختيار شريكة طريق، تكون بجانبك في لحظات الفرح كما في أوقات المحن. هي من تبني معها بيتك، ودفء مشاعرك، ومشروع حياتك. والزواج الناجح يقوم على الاحترام والثقة والتفاهم والقيم المشتركة.

يقول مثل مشهور: “خير لك أن تعيش وحيدًا على أن تعيش مع من يؤذيك.” الزوجة المحبة، المحترمة، المتوازنة والصادقة، تمنح سكينة داخلية لا تضاهى. وعلى العكس، قد تتحول العلاقة السيئة إلى مصدر للتوتر والصراع المستمر والمعاناة. فالبيت يجب أن يكون ملاذًا للراحة والدعم، وهذا يتوقف بدرجة كبيرة على من نختاره شريكًا للحياة.

الزوجة ليست مجرد شريكة عاطفية، بل هي أيضًا مؤثرة يومية في حياة زوجها وأبنائها. مواقفها وخياراتها وأولوياتها تنعكس عليهم جميعًا. فالمرأة الحكيمة، الصالحة، والطيبة قد ترفع أسرة بأكملها بسلوكها. أما الزوجة السلبية أو غير المستقرة فقد تجر حتى الرجل القوي نحو الفشل أو الضياع.

اختيار الزوجة هو أيضًا اختيار أم لأبنائك. فالأمومة دور حاسم في تكوين الأجيال القادمة. المرأة المتعلمة، الصبورة، الحنونة والصالحة تُعد نعمة عظيمة لمستقبل الطفل. فهي لا تنقل فقط القواعد، بل تغرس القيم، وتبني التوازن العاطفي، وتؤسس أسلوب حياة متكامل.

في زمن أصبحت فيه المظاهر تطغى على الجوهر، من الضروري أن نتذكر أن الجمال الداخلي يسبق الجمال الخارجي. لا شك أن الانجذاب الجسدي مهم، لكنه وحده لا يكفي. ما يجعل العلاقة تدوم هو صفاء القلب: الإيمان، الوفاء، الصبر، التواضع، الحكمة… هذه القيم هي الأساس الذي يجب أن يُبحث عنه قبل كل شيء.

إن اختيار الزوجة بلا شك من أكثر القرارات الحاسمة في حياة الإنسان. وهو يستحق وقتًا للتفكير، والتأمل، والدعاء، ومعرفة حقيقية بالذات وبالآخر. فلا تتركه للصدفة أو للمشاعر العابرة. ابحث عن امرأة تشاركك القيم نفسها، والأهداف ذاتها، والأهم من ذلك: رؤيتك للحياة الزوجية وللأسرة.

فالزواج الناجح ليس مجرد قصة حب جميلة، بل هو ميثاق يبني ويصون ويرتقي. وكل ذلك يبدأ باختيار صحيح.