يسلّط فيلم “وان باتل آفتر إيناذر” One Battle After Another (أي “معركة تلو الأخرى”) الذي يتولى النجم ليوناردو دي كابريو الدور الرئيسي فيه الضوء على بعض جوانب الواقع الراهن في الولايات المتحدة والظواهر المتنامية فيها، كعنف المتطرفين والأساليب القاسية في توقيف المهاجرين غير النظاميين، وبروز نظرية تفوّق العرق الأبيض مجددا، ويشكّل تاليا تنبيها في الوقت المناسب من هذا المنحى.
ويتمحور هذا الفيلم الجديد للمخرج الأمريكي بول توماس أندرسون على شخصية ثوريّ سابق كبير السن وابنته المراهقة، في مزيج من الأكشن والكوميديا الدرامية والفكاهة، ويُتوقع أن يحصد عددا كبيرا من الترشيحات لجوائز الأوسكار.
وقال ليوناردو دي كابريو في مؤتمر صحافي عُقد الخميس في لوس أنجليس إن “وان باتل آفتر إيناذر” يعطي فكرة “عمّا سيواجهه الجيل المقبل”.
ويجسّد الممثل شخصية بوب، وهو متمرد سياسي سابق متخصص في المتفجرات. خلال شبابه، نفّذ الثوريّ الوسيم عمليات مقاومة سرية على الحدود الأمريكية المكسيكية مع حبيبته بيرفيديا (تيانا تايلور).
ولكن عندما يخترق الكولونيل لوكجو (شون بن) المجموعة، يُضطر بوب إلى الفرار مع طفلتهما ويلا.
وبعد 16 عاما، يُلاحقه ماضيه كخارج عن القانون… ويطال أيضا ابنته التي أصبحت مراهقة واثقة من نفسها (تشيس إنفينيتي).
فالكولونيل لوكجو يلاحقه، ولا يعدم أية وسيلة، حتى أكثرها تعسفا، في هذه المطاردة.
لكن بوب لم يعد يتذكر شيئا من سنواته الثورية الأولى، إذ دمرته المخدرات والكحول وجنون العظمة.
وقال دي كابريو “ماضيه يعود ليطارده، وينتقل إلى الجيل التالي، كنوع من الصدمة”.
“أصبحنا جميعا عشائريين”
يمزج المخرج بول توماس أندرسون (من أعماله “ذير ويل بي بلاد” There Will Be Blood و”بوغي نايتس” Boogie Nights و”ليكوريس بيتزا” Licorice Pizza) بين اللمسات الفكاهية واللحظات السوداوية جدا، لا سيما مع شخصية لوكجو الضالع في جماعة مؤمن بتفوق العرق الأبيض تُدعى “كريسماس أدفنتجيررز”.
وقوبل الفيلم باستحسان النقاد على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ رأى بعضهم أن الفيلم مرشح بقوة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم.
وقال ليوناردو دي كابريو لصحيفة “نيويورك تايمز” إن الفيلم “سياسيّ جدا”. واضاف “اعتقد أن السبب هو أننا أصبحنا جميعا عشائريين”، في إشارة إلى الاستقطاب الحاد الذي تشهده الولايات المتحدة بين المحافظين الذي يتولون السلطة بقيادة الرئيس دونالد ترامب والمعارضة المتمثلة في الحزب الديمقراطي.
وقال دي كابريو “الفيلم (يتناول) كيفية توقفنا عن الاستماع بعضنا إلى بعض، وكيف يُمكن لهؤلاء الأشخاص الذين يفكرون أو يتصرفون بطرق متطرفة أن يُلحقوا ضررا كبيرا”.
وأُجريت هذه المقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أسابيع من اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك الذي أدى دورا كبيرا في حشد الشباب تأييدا لترامب بإطلاق النار عليه الأربعاء.
وعلّقت المغنية والممثلة تيانا تايلور في المؤتمر الصحافي الخميس قائلة “آمل في أن يُثير هذا الفيلم حوارا صحيا ونقاشات مهمة ينبغي إجراؤها”.
“بطل ناقص للغاية”
واعترف بول توماس أندرسون بأنه “سرق” فكرة “تشتت الثوار” من رواية توماس بينشون “فاينلاند” Vineland. وسبق للمخرج أن اقتبس سينمائيا رواية “إنهيرنت فايس” Inherent Vice للكاتب الأمريكي نفسه. لكنّ الإلهام هذه المرة أكثر حرية بكثير.
وقال المخرج خلال عرض خاص في لوس أنجليس “بدلا من احترام الكتاب كما فعلت مع +إنهيرنت فايس+، أخذتُ ببساطة ما أحتاجه”.
أما شخصية البطل المضاد التي يجسدها ليوناردو دي كابريو، فاستُلهمت من فيلم “ذي بيغ ليبوفسكي” The Big Lebowski، وكذلك من شخصية آل باتشينو في فيلم “دوغ داي آفترنون” Dog Day Afternoon.
وأكد أن “الطبيعة البشرية” لهذا “البطل الناقص للغاية” هي ما جذب ليوناردو دي كابريو.